الأربعاء، 26 مارس 2014

الإرهابي الجميل

ابدأ من النهاية
إنتهى هو و ها انا ابدأ.. تأخرت كثيرا .. فقدته بالفعل لكن يجب أن ابدأ

في نهاية صيف 2008 و بداية العام الدراسي الجديد عدت من الكلية عصرا الى المبنى الخاص بي في المدينة الجامعية-كم كانت سيئة تلك الأيام- كنت أفتقد كل ما هو جميل.. كل من كان يشبهني.. لست عنصريا لكني لم أستطع التكيف مع ابناء الريف بعد سنتين من المحاولة -في الحقيقة لم أحاول قدر ما كنت أرفض هذا الواقع-
عدت ووجدت سيارة تابعة لشركة المقاولون العرب و ينزل منها اثنان يبدو عليهم الرقي -كما لم أعهد في هذا المكان- و يحملان عبوات طعام من مطعم مشهور.. شعور غريب بالألفة شعرت كما الطائر الذي يرى لأول مرة طيور من نفس فصيلته بعد أن تاه لعامين و فقد الأمل في أن يراهم مجدددا
صعد الطالبان و صعدت أنا حفظت وجوههم رأيتهم من بعدها معي في نفس الكلية و ارتاحت نفسي و في اليوم التالي تقابلنا في المبنى الذي نسكنه و تبادلنا الابتسامات مر يوم و التاني لنقف و نتعارف.. أحمد صلاح, محمد محسن و أصدقائهم غازي و باسوسي و مدين,

كان شاب قصير ذو ابتسامة جميلة و جسم رياضي رشيق و عينان يملؤهما الحماس.

لن أطيل و لكني أتذكر تلك اللحظات و كأنها البارحة و ليست منذ 6 سنوات !
كان محمد أو كما ينادونه الجميع "محسن" كثير الحركة, مرح الكلام, الابتسامة لا تفارق وجهه حتى لو أصابه مكروه.
تعرفنا أكثر و أكثر,
محمد محسن ابن محافظة بني سويف بطل سباحة و يهوى رياضة الملاكمة التي كان والده بطل فيها أيضا الى أن أصابه -والده- هذا الفيروس اللعين المسمى بالتهاب الكبد الوبائي.
علمت بعد ذلك أنه من أوائل الثانوية العامة و تقدم لكليتنا لرغبته في العمل بمجال تكنولوجيا المعلومات و لم يأتي لهنا -حكم المجموع- كمثل الكثيرين من طلاب الكلية و انا منهم.

كان شاب يملأه الحماس و كان صعيدي المذاق الضحكة لا تفارقه لكن الويل كل الويل لمن يغضبه.
اصطدم بواقع الجامعة المصرية و الدراسة الأكاديمية البعيدة كل البعد عما كان يحلم به.

من الصفات التي أراها فيه واضحة أنه يحب جدا أن يكون متميزا و يجيد هذا أكثر مما يحبه.
فان اشترك باحدى الرياضات كان بطلها و ان دخل في نقاش يأتي بكل ما يمكن أن يساعده ليقود هذا النقاش
و كل هذا بحق و ليس بصوت عال أو تظاهر

لكن للأسف في مجتمع فاسد أحيانا ما يُستغل هذا الحماس في السوء

تعرف محسن على بعض الأصدقاء في دفعته الذين يتعاطون مخدر الحشيش لهوا كعادة الكثير -نعم الكثير- من شباب الجامعات المصرية.
هذا الرياضي قرر أن يكون أفضلهم حتى في فعل ما هو سيء
فان دخنوا سيجارة يدخن اثنان .. ان استطاع أحدهم أن يأتي بكمية من الحشيش يأتي هو بالضعف.

حاولنا بشتى الطرق أن نقنعه ان هذا خطأ .. الغريب انه لم يجادل بل قال انه يعلم كل العلم انه خطأ و لكنه يستمتع و وعدنا بأن يقلع عنه في القريب العاجل.

و بالفعل .. بدأ يبتعد عنه و عندما يدخن هذا المخدر في الخفاء يأتي الينا بتلك الابتسامة الخجولة كطفل أكل الحلوى التي حذره والده من أكلها.. لنعبر تلك الفترة.

مر الوقت عليَ و على صديقي الصغير .. سنتان لم أعهد عليه فيهما غير الطيبة و الشهامة و جدعنة ولاد البلد.

تخرجت انا و تركته في الكلية مع الأصدقاء


يتبع..